الأربعاء، 5 نوفمبر 2008

على الوتر ذكرى عمرها 18 عاماً..لميس ضيف ,,[للقراءة],,


على الوترذكرى عمرها 18 عاماً..لميس ضيف


في السادس من نوفمبر/ تشرين الثاني من العام 1990 - والذي تمر ذكراه الـ18 علينا في الغد - شهدت الرياض تظاهرة

لن تمحو الأيام ذكرها خرجت فيها 47 سيدة سعودية (بين أساتذة جامعات وناشطات وطبيبات) للطرقات في موكب مكون

من 16 سيارة متحديات بذلك الحظر الذي يمنع المرأة من القيادة.. وقد صعقت رؤيتهن في قلب الرياض المجتمع آنذاك..

وقد تحرك الموكب زهاء نصف ساعة قبل أن توقفه السلطات وتعتقل كل من فيه وتزج بهن في السجن..وقد عوقبن على

تمردهن ذلك بكل قسوة وشراسة؛ فرغم أن ذويهن توسلوا بالأمراء والمشايخ للإفراج عنهن - وتم لهن ذلك - إلا أنهن

عوقبن بطرق مختلفة علة مدار سنوات ، سيان في ذلك من قدن السيارة فعلياً أو من كنّ على متنها، فالعاملات منهن في

القطاع العام أوقفن عن العمل لمدة عامين ونصف العام بقرار رسمي.. كما ولم تدفع رواتب العاملات في القطاع الخاص

لمدة سنة.. وتم خصم مستحقاتهن في صندوق التقاعد. ولم يسلم أزواج المتظاهرات وآباؤهن من العقاب، إذ منعوا من

السفر لأشهر وتعرضوا لمضايقات شتى على اعتبار أنهم أولياء النسوة وقد تراخوا في ضبطهن.. ناهيكم طبعاً عن سياط

المجتمع المتشدد المحافظ الذي لم ولن يتماهى مع تمرد النساء أبداً !!!قبل 4 سنوات سألت «إيلاف» الدكتورة عائشة

المانع التي كانت في طليعة المشاركات في المظاهرة عن ذكريات ذلك اليوم فأجابت «إنها خرجت آنذاك للدفاع عن

مبدأ»، وإنها مستعدة لتكرار الأمر مجدداً لو وجدت من يؤازرها في ذلك.. أما فوزية العيوني - إحدى الناشطات اللواتي

نظمن التظاهرة - فقالت في حديث مع الـ «بي بي سي» إنهن لم يطمحن إلا بالقول للسلطات «إننا هنا»، وأن يكسرن

حاجز الصمت والخوف..فيما رأى كثيرون أن تلك التظاهرة ما هي إلا «إحدى تداعيات حرب الخليج»، إذ شجعت رؤية

الكويتيات وهن يقدن سياراتهن فراراً بأطفالهن من الاجتياح العراقي نظيراتهن السعوديات على كسر الحظر الذي لم يسن

بقانون ولم يؤازره شرع ولا مذهب، بل هو مخاض النظرة القاصرة للدين والحياة.. مؤخراً فقط، رفض مجلس الشورى

السعودي قانوناً تقدم به أحد الأعضاء لرفع الحظر المفروض على قيادة النساء للسيارات.. ويتكهن البعض بأن الحظر -

حتى لو رفع - فستبقى العقبات الاجتماعية قائمة.. ففي بعض دول الخليج مازالت عائلات عدة تتحرج من السماح لبناتها

بالقيادة إذ توصم من تقود السيارة فيها بالتحرر وقلة الحياء، وهو ما يحجز الكثيرات عن التمتع باستقلالية الحركة رغم

عدم وجود ما يقيدها قانونياً..!يتساءل بعضكم الآن: ولمَ نطرح الموضوع هاهنا وهي مشكلة لا نعاني منها في بلادنا؟..

والحقيقة أن لهذا الطرح مبعثين: أولهما التذكير بأن هيبة صوت الحق خالدة.. مهما كان خافتاً ومهما كان محدوداً ومهما

بدا عابثاً لذا فإن تظاهرة الرياض تلك ستبقى مفرقاً تاريخياً لن تمحيه الذاكرة.. أما المبعث الثاني فبإمكانكم أن تعتبروه

شخصياً.. إذ وددت الاحتفاء بنساء ساهمن - رغم تباين المسافة - في صياغة جزء من وعيي الناشئ فما فعلوه أثار

أقاصي إعجابي واحترامي آنذاك.. حتى أني وددت لسنوات لو أحصل على قائمة بأسمائهن لأسبغ عليهن الثناء وأعلّمهن

أن ما زرعوه - وإن لم يحصلوا على قطافه بعد - قد أينع في مكان آخر.. في قلوب فتيات عدة تعلمن منهن التحدي وقيمة
الإيمان بالحق والمبدأ.. والنفس.

ليست هناك تعليقات: